في يوم كنت متخانق مع مراتي خناقة كبيرة جدًا وصل صوتها
للجيران وكان سببها إني مطنش مصاريف البيت وبعتمد على
اللي بيجي من أهلها ولو في يوم حسيت بيها شوية كنت
بجيبلها أكل اليوم بالعافية.. لما الخناق شد بيني وبينها قالت لي بصوت تعبان:
” امشِي دلوقتي! ”
خرجت من البيت وانا مش فاهمها.. ما البيت فيه أكل هي هتعوز إيه تاني؟
أبوها وأمها بيجيبوا ليها دقيق ورز وساعات بجيب معايا شوية متطلبات..
صحيح بتكون حاجات قليلة بس يمشوا البيت.
الدنيا غالية ولازم يبقى فيه توفير عشان بنتي!
وجه صوت جوايا قالي: ” بنتك! بنتك مين بالظبط؟ اللي بترفض
تشتريلها بامبرز ولا اللي بتروَّح تنام ما غير ما تلاعبها؟ ”
نفضت الصوت والتشتت من دماغي وجيت أقوم لاقيت راجل عجوز
قاعد على الأرض ومراته قاعدة على كرسي وهو بيمَّرن لها رجليها
اللي وجعاها.. كان قدامهم شوية خضار محدش اشترى منهم حاجة،
شوية وقام طبطب عليها وقالها: ” أكيد جوعتي صح؟ ”
هزت راسها بالنفي بس كان باين عليها الجوع!
قام وجاب لها أكل وقعد يأكلها.. كلت ومالت على كتفه مستنية
حد يروح يشتري.. قومت رجعت البيت لاقيت حمايا وحماتي هناك.
والسُفرَة عليها جميع أصناف الأكل والمشاريب!
بصيت لمراتي اللي مكنتش سايبلها ولا جنيه..
ضحكت في وشي وشدتني جمبها وقالت …. 🤨🤨
تعالى كُل معانا..
أكيد تعبان طول النهار وبعدين بصت لأمها
وضحكت وكملت كلام وقالت:
” أصله طول النهار طالع بيجيبلي طلبات للبيتوقامت
جابت فاكهة وقالت: كلوا ياة؛ بصي ياماما جايب حاجات قد إيه!
وكل ما أقوله كفاية مصاريف يقولي هو أنا ليا غيركم ”
قعدت مستغرب كلامها وبفكَّر هي جابت ده كله منين؟
وليه مقالتليش إنهم جايين!
تها بحنيَّة لإن كان باين على ملامحهم إنهم مش مصدقين
كلامها ولا حركاتها..وقولتلها طول ما انا عايش عاوزك
تتهني بخيري، أنا ربنا بيرزقني عشانك انتي وريم!
وبعدين حسيت بالقلة من كلامي ومن نفسي، أهلها دعوا لينا بالبركة ومشوا
بس كنت حاسس إنهم مش مبسوطين لبنتهم،
أول ما قفلوا الباب وراهم بعدت عني، تجاهلت كل ده وقولتلها:
جبتي الفلوس منين؟ ”بصتلي وقالت: ” بيعت الدبلة، واحد من الجيران سمع نا وراح قال لأبويا
فحسيت إنهم هيجوا زيارة مفاجئة ومكنش ينفع أطلعك بخيل قدامهم،
أصل في الآخر هيقولولي مش ده اختيارك! ”
وماله إختيارك مش عاجبك؟
ضحكت بوجع وقالت:عارف البنت لما بترفض كل الناس عشان راجل واحد
بتبقى شايفاه وطن هتعرف تسكنه،
وانا ملقتش وطني فيك، أو يمكن عمري ما حسيت بالغربة اللي حسيتها معاك،
انت مبتعرفش تعيش برزق بكره وعلى طول مفكر إن الرزق النهاردة وبس
ومفيش بكره، عشان كدا هيفضل رزقك قليل،كان نفسي تبقى
زي ما رسمتك على الأقل كنت هثبت لأهلي
إني اختارت صح، وبرغم كل ده برضو
مش هطلع صورتك ة قدام حد حتى لو أمي نفسها.
وقفت قدامها ثابت حاسس روحي اتجمدت،
كانت كل يوم بتبعد عني أكتر من الأول،بقيت أجيبلها كل حاجة
اها وأسيبلها فلوس كل يوم على الترابيزة،
كانت بتعمل الأكل اخد الفلوس سكت،
كان لازم أحاول أرجع بيتي زي ما كان،
أصل البي مش أكل وشرب وبس، البي رحمة وأمان!
بقيت كل يوم بتحايل عليها عشان نخرج سوا..برجع من
شغلي أشاركها بتفاصيلي ونقعد نفكَّر هنصرف الفلوس في إيه!
لحد ما كسبتها تاني، كان لازم أكسبها وأخليها تنتصر قدام أهلها.
أصل مفيش أصعب من إنك تختار ويطلع اختيارك غلط!
الزوجة عاملة زي التربة.
والأرض مش بتطلع أحلى ثمار غير مع المزارع الشاطر اللي بيفهمها ويحتويها.